خلال أوقات الحرب هناك انخفاض في اهتمام الوالدين بالأطفال مقارنة بفترات الإغلاق في الكورونا ويتأثر الأطفال العرب بنسبة أعلى من الإصابة والوفاة مقارنة مع المجتمع اليهودي
ايام الطوارئ الروتينية التي تضمنتها نشاطات عسكرية، تشهد إصابات غير متعمدة للأولاد بنسبة حقيقية اعلى، مقارنة مع أوقات الطوارئ التي تم الإعلان عنا لأسباب صحية جراء انتشار الكورونا
مع مرور حوالي 50 يوما على الحرب الحالية والتي اثرت بشكل مباشر على نمط حياة العديد منا كأهل وبالغين، أجرت مؤسسة "بطيرم" لأمان الأولاد بحثا عميقا حول إصابات الأولاد في أيام الحرب مقارنة مع الأيام الاعتيادية أي أيام السلم. وكانت "بطيرم" قد شددت خلال هذا البحث على العاملين الأساسيين اللذان يؤثران على إصابات ووفيات الأولاد جراء الحوادث غير المتعمدة وهما حالات التوتر والقلق اثناء حالات الطوارئ وعلاقتهما بمراقبة الأولاد مراقبة فعالة سواء في المنزل وخارجه، او اتباع سلوك آمن من قبل الاهل تجاههم في كل مكان وحتى الحفاظ على بيئة منزلية آمنة.
يأتي هذا البحث من منطلق الايمان ان للحرب عواقب كثيرة على رفاهية الأطفال وسلامتهم. وهكذا، على سبيل المثال، فإن بقاء الأطفال الذين تم إجلاؤهم من منازلهم إثر الأحداث الصعبة في بيئة غريبة وغير مألوفة يعرضهم لمخاطر جديدة. كما أن ظروف التوتر والضيق التي يجدون أنفسهم فيها وأسرهم بسبب الوضع الأمني والمهني والاقتصادي والاجتماعي قد تمس بمستوى اهتمام الوالدين باحتياجات أبنائهم، مما يؤدي إلى وقوع إصابات.
ويستند البحث التالي الى معطيات الوفيات والاصابة التي تم جمعها من وسائل الإعلام، ومن السكان والبيانات التي تم جمعها من دائرة الاحصاء المركزية وبحسب الانتماءات الاجتماعية والاقتصادية التي تم الحصول عليها من الدائرة.
ويتضمن البحث مقارنة واسعة بين حالات الطوارئ التي شهدتها البلاد في السنوات الـ 15 الأخيرة ابتداء بحالة الطوارئ التي أعلن عنها بسبب الحملة العسكرية على غزة عام 2008 مرورا بالحملة العسكرية عام 2014، استمرارا بالإغلاق الأول الذي أعلن عنه بعد تفشي الكورونا، ثم الاغلاق الثاني والثالث، بعدها الحملة العسكرية عام 2021 والحرب الحالية التي نشهدها هذه الأيام التي اندلعت في السابع من أكتوبر.
وأشار البحث الى انه في فترات الطوارئ تم تسجيل انخفاض حقيقي في إصابات الأولاد غير المتعمدة مقابل الأيام الاعتيادية أيام السلم. مع هذا، وفي الأيام التي أعلن خلالها عن حالة الطوارئ نفسها او الإعلان عن الدخول الى حالة الطوارئ، يظهر البحث ارتفاعا في إصابات الأولاد غير المتعمدة. إضافة الى ذلك، فان ايام الطوارئ الروتينية التي تضمنتها نشاطات عسكرية، فشملت عادة إصابات غير متعمدة للأولاد بنسبة حقيقية اعلى، مقارنة مع أوقات الطوارئ التي تم الإعلان عنا لأسباب صحية أي التي شهدناها جراء انتشار الكورونا (الاغلاقات).
علاوة على ذلك، اظهر البحث أيضا انه خلال فترات الطوارئ الروتينية أثناء الحرب، يكون معدل الوفيات أعلى مما هو عليه خلال الفترات الاعتيادية (أيام السلم). ويشير هذا النمط إلى أنه خلال أوقات الحرب، كان هناك انخفاض في اهتمام الوالدين بالأطفال مقارنة بفترات الإغلاق، وخاصة فيما يتعلق بالأطفال الأكبر سنا، كما يشير معطى متوسط العمر.
وتظهر اختلافات كبيرة بين المجتمع العربي وبين المجتمع اليهودي، حيث يتأثر الأطفال من المجتمع العربي بنسبة أعلى، خاصة خلال فترات الطوارئ الروتينية. وبحسب البحث تظهر أيضًا اختلافات كبيرة عند اجراء المقارنة بين الفئات الاجتماعية والاقتصادية، حيث تكون المجموعات الدنيا من هذه الفئات أكثر تأثراً خلال فترات الطوارئ وأثناء إجراءات الطوارئ.
وحول العلاقة المباشرة بين حالات التوتر والقلق والإصابات غير المتعمدة لدى الأطفال، أشار البحث إلى وجود علاقة بين فترات الإغلاق خلال جائحة الكورونا وبين أعراض التوتر والقلق. واظهرت المعطيات أيضا أن معدل وفيات الأطفال بسبب الإصابات غير المتعمدة خلال فترات الإغلاق في الكورونا كانت أقل مما كانت عليه خلال فترات الطوارئ وايام الطوارئ الروتينية ذات خلفية عسكرية ومقارنة مع الأوقات الروتينية (أي أيام السلم). وعلى ضوء ذلك، فمن الممكن أن يتم التعبير عن التوتر والقلق خلال فترات الإغلاق (الكورونا) باليقظة العالية والاهتمام تجاه الأطفال واحتياجاتهم.
أما في أوقات الطوارئ ذات الخلفية العسكرية (الحملات العسكرية)، مثل هذه التي نشهدها حاليًا، فمن الممكن أن تظهر هذه اليقظة والاهتمام بدرجة أقل، أو أن يتجه اهتمام الوالدين إلى مسارات أخرى، وبالتالي تميل معدلات وفيات الأطفال الناجمة عن الإصابات غير المتعمدة إلى الارتفاع.
وحول خصوصية المجتمع العربي ونسب الاصابة والوفاة خلال الحرب كما تجلت في هذا البحث، تظهر المعطيات أنه في الفترات الثلاث المذكورة (الأيام الروتينية- أيام السلم، أيام الاغلاقات جراء الكورونا، وايام الطوارئ الروتينية ذات خلفية عسكرية) تكون معدلات الوفيات في المجتمع العربي أعلى، الا ان النسبة الأعلى كانت خلال الفترات الطوارئ الروتينية ذات الخلفية العسكرية. وفي روتين الطوارئ ينخفض معدل الوفيات في المجتمع اليهودي، مقارنة بقفزة في معطيات الوفاة في المجتمع العربي.
وما يبرز من هذه المقارنة هو انخفاض النسبة في وفيات الأطفال الناجمة عن حوادث الطرق خلال فترات الطوارئ. ومن الممكن أن نلاحظ ارتفاعا حادا في معدل الإصابات بسبب التسمم/الحروق خلال فترات الطوارئ.
أورلي سيلفنجر، المديرة العامة لمؤسسة "بطيرم" لأمان الأولاد عقبت على نتائج هذا البحث وقالت: "أحداث 7 أكتوبر والحرب التي اندلعت في أعقابها أخرجت المجتمع الإسرائيلي ككل من الروتين اليومي. للأسف، نحن مجتمع يحمل خبرة واسعة بالحالات الطارئة، سواء حالة الطوارئ الطبية - كما كان الحال في فترة كورونا، أو الطوارئ الأمنية مثل التي نحن فيها الآن. والمقارنة بين كل هذه الفترات أثبتت لنا مرة أخرى أن هناك علاقة بين حالات التوتر والضغط العام وتعرض الأطفال للأذى والاصابات غير المتعمدة. سلوك الوالدين له تأثير حاسم على سلامة الأطفال. عندما يكون الوالدان مجتمعين أكثر في المنزل من منطلق الشعور بأمان أكبر، فإنهما يتمكنان أيضًا من رعاية الأطفال بشكل أفضل. وعندما يزول الشعور بالأمان، ويصبح التوتر جزءاً من الروتين، فإن الإشراف على الأطفال يصبح أقل ويكونون أكثر عرضة للحوادث. نحن في مؤسسة بطيرم سنستمر في العمل على تذويت مفاهيم الأمان، سواء خلال فترات الطوارئ أو خلال الفترات العادية".