إثنا عشر عامًا على رحيل الشاعر والفنّان الدكتور سليم مخولي.
بقلم: المربي المتقاعد عناد جابر - كفرياسيف
سيرته:
ولد الشاعر والفنان سليم حبيب مخولي سنة 1938 في كفرياسيف في الجليل الغربي لأبوين يعملان في الزراعة، ونشأ بها. أنهى دراسته الابتدائية والثانوية فيها، ثم التحق بكليّة الطب في الجامعة العبرية في القدس سنة 1959 فحصل على الدكتوراه في الطب 1966. وقد درس الفنون التشكيلية في كلية الفنون العليا بتسالئيل في القدس إضافة إلى دراسته الطبية. عمل طبيبًا باطنيًا في مستشفى العفولة ومستشفى نهاريا، ثم عاد إلى مسقط رأسه في كفرياسيف، للعمل في عيادة صندوق المرضى لخدمة أهل بلده، ومارس بها مهنته الطبية حتى تقاعده في 2004، وتفرغ للأدب والرسم. اتسمت أعماله الأدبية، الشعرية والنثرية، بالنزعة الرومانسية، الوطنية والسياسية. فهو يتطرق في قصائده إلى مواضيع شتى ، اجتماعية، ثقافية، فلسفية ورمزية.كان عضوًا في سكرتارية لجنة الدفاع عن الأرض القطرية، وعضو ًا في عدد من اللجان المحلية مثل لجنة اليوبيل الذهبي، وعضوًا في رابطة الفنانين التشكيليين العرب "إبداع"، واتحاد الكتاب العرب في إسرائيل. أقام عددًا من الندوات الثقافية وشارك في المهرجانات والاجتماعات الوطنية وكان له نشاط بارز في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والفنيّة.
شارك في الكثير من معارض الرسم وورشات النحت بلوحاته ومنحوتاته وانشطته الفنية الاخرى.
توفي سليم مخولي إثر نوبة قلبية مفاجئة عن عمر ناهز 73 عامًا يوم 8 نوفمبر 2011 في مسقط رأسه قرية كفرياسيف.
تتصف قصائده بطولها ومعانيها المكثفة ، المشبعة بالإيحاءات والدلالات الرمزية بعيدة المدى ، التي تغني النص، وتكامل عناصرها الفنية ، ذات الأنغام المتعددة. ونلمس فيها الوحدة التعبيرية ،والألفاظ الهادئة ، وقوة الخيال ، وصدق العاطفة ، والرؤية الواضحة ، والروح الثورية التقدمية المتمردة الوثابة ، والنظرة الحادة الهادئة للأمور والأشياء، والحسّ الوطني اللاهب الجميل المرصع بروحه المرهفة وسمو اخلاقه . إنها قصائد تفيض بالألم والوجع الانساني وجراحات الوطن وقضايا الإنسان في كل مكان.
مؤلفاته:
من دواوينه الشعرية:
* معزوفة القرن العشرين، 1974
* صدى الأيام، 1974
* ذهب الرمال، 1989
* تعاويذ للزمن المفقود، 1989
* رماد السطوح ورخام الأعماق، 1996
* ما يخط القلب في سفر التراب، 2002
* إليك، 2003
* رفيقة يومي، 2003
* عثرنا على ذاتنا، 2006
* نسيج آخر للوقت، 2007.
ومن كتبه الأخرى:
* الناطور، مسرحية، 1979
* الأبواب المفتوحة، مجموعة قصص، 2005
* جناح لدوري الحقل، خواطر، 2009
قصيدتي في رثائه يوم تأبينه:
جاش الأسى فَتَعسّرتَ كَلِماتي
وَتَعَثّرَتْ بِزِحامِها عَبَراتي
وتأجّجتْ في الصّدرِ نارُ أتونهِ
فَتَحرّقتْ في مَهدِها زَفَراتي
يا راحلاً صَعَقَ القلوبَ رَحيلُهُ
فتلفّعَتْ بالغمِّ والحَسَراتِ
فارقْتَ غَيرَ مُودِّعٍ وَمُعجّلِاً
أدرَكْتَ قطرَ المَوتِ قَبلَ فَواتِ
والكلُّ بينَ مُصدّقٍ ومُكذّبٍ
هلْ غابَ حقّا فارِسُ الكَلِماتِ؟
كانتْ حياتُكَ يا سليمُ رِوايةً
وَفُصولُها مِنْ أرْوَعِ الآياتِ
نِعم َالطبيبُ وكُنْتَ صاحبَ نَخوَةٍ
تُشفي الجُسوم َ وتَجبُرُ العَثَراتِ
شَهْماً تَفيضُ مَحبّةً ومُروءَةً
فَطِنًا حَكيمًا ثاقِبَ النَّظَراتِ
رَجُلَ المبادئ لمْ تَحِدْ عنْ دَربِها
بَلْ صُنتَها في أحْلَكِ الأوْقاتِ قاومْتَ عَسْفَ الظالمينَ وَكَيدَهُمْ
مُتَسلّحاً بِصَلابةٍ وَثَباتِ وجَهِدْتَ مِنْ أجلِ الحُقوقِ مُحارِبًا
بالفِكْرِ والإلهامِ والوَثَباتِ وَنَذرْتَ عُمْرَكَ للعَطاءِ لأنَّه ُ
في حُكمِ طَبعِكَ أشرَفُ الغاياتِ شَيّدْتَ في الإبداع صرحًا شامخًا
شَقّ الفَضاءَ وجاوَزَ النّجَماتِ
فَعَزَفتَ لَحنًا ذابَ في نَغَمَاتِهِ
قَلبٌ رَقيقٌ واسِعُ الشُّرُفاتِ
شعرٌ وَرَسمٌ كاللآلئ ِ, فيهما
سِحرُ الوَميضِ وَرَوْعَةُ اللّمَسَاتِ
فإذا رَسَمْتَ رَسَمْتَ شِعرًا راقِيًا
وإذا كَتبْتَ... فأبدَع َ اللّوْحاتِ
كانتْ خِصالُكَ كالوُرودِ, عَبيرُها
ضَمخَ النُّفوسَ بِعاطِرِ النَّفَحاتِ
بيضاءَ ناصِعةَ النّقاءِ لأنّها
شَرِبَتْ بَياضَ القَلْبِ والنّيّاتِ
تِلكَ الصّفاتُ وما أقلَّ مثيلَها
مَنّيتُ نَفسي أنْ تَكونَ صِفاتي
لِتَنَمْ قريرَ العَيْنِ غَيرَ مُسَهّدٍ
فَكِتابُ عُمرِكَ نَيِّرُ الصَّفَحاتِ وَصَدى نشيدِكَ ساكِنٌ أسْماعَنا
وَبريقُ فَنَّكَ خالِدُ اللّمَعاتِ
وتَظَلُّ ذْكراكَ العَزيزةُ حَيّةً
بِقلوبِنا وَتُرافِق ُ النَّبَضاتِ
فإلى جِنانِ الخُلدِ يا مُتألّقاً
يَحيا وَإنْ هُوَ عُدَّ في الأَمْواتِ