تراتيل الزّهد
أَنَسيتُ نفسي أم غدوتُ رَسيلا
ما كان في وجعِ الجروحِ رَسيلا
ماذا مُصابي إذ ألومُ دفاتري
وأُقيمُ من طرفِ القلامِ دليلا
هل راعني قلقُ الشّروقِ فقُيّدتْ
شمسي بنورٍ لم يعدْ مسلولا
سيفٌ من الأقدارِ يولجُ نصلَه
في ظهرِ صِبٍّ قد غدا متبولا
أسطورةٌ كسرتْ زجاجةَ شهدِها
من رُزءِ ما ناحتْ صدىً تهجيلا
والأمنياتُ قصيدةٌ صوفيّةٌ
تحكي بدمعتها الفراقَ حَفيلا
أطيافُها تهوى الفلاةَ كزاهدٍ
أضحى يرتّلُ نبضُهُ التّنزيلا
يسري بها أثرُ المزاهرِ صادحاً
ما كان من رجعِ الأنينِ طليلا
وأنا هربتُ من السّماء مُحمّلاً
إثمٌ يُقرّعُ في النّفوسِ طويلا
وأنا الذي بقصيدتينِ تدفّقتْ
لغتي كأوديةٍ تجيشُ سليلا
واستقدموا نصَّ الضّلالة تُهمةً
لأعيشَ عن أحكامهِ مشغولا
الرّعبُ يقتلعُ الحروفَ بدفاتري
والشّكُ يخلقُ مارداً مرذولا
ما عاد لي أملٌ أعيشُ بحضنِهِ
فلقد تلوّعَ ثم باتَ عليلا
وسهرتُ وحدي لا القَتامُ يزيدُني
ألَقاً ولا نورُ الأصيلِ أفولا
فوقي بروجٌ أُطفئتْ وسنابلٌ
قُلِعتْ وآهٌ أُطلِقتْ ترتيلا
وصلاةُ أمّي دعوةٌ غيبيّةٌ
حفدتْ إليها المُثقِلاتُ سبيلا
يجتاحُني شوقٌ تمور سهامُهُ
فأجوسُ فيهِ مُجرّحاً مقتولا
منذُ ارتويتُ من القصيدة شاربا
لم تروِ منّي الأمنياتِ فتيلا
أحرقتُ قرطاسي القديمَ بحفرةٍ
وطمرتُ سراً في القبورِ مهولا
أمسيتُ أخفي في الظّلامِ تتيُّمي
وأدسُ فيهِ الجهْرَ والمجهولا
عمر رزوق الشامي - أبوسنان
عضو إدارة الاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين الكرمل 48