الرومر-الغجر-بقلم الأستاذ محمد حسن الشغري - مرافع قانوني
في الثامن من شهر نيسان من كل عام يحتفل أقلية الرومر أي الغجر في جميع انحاء العالم بيومهم الوطني بطرق مختلفة أهمها التذكير بماضيهم وما مرَ عليهم من اضطهاد وظلم ومعاناة طويلة في كل بلد كانوا من سكانه وفي أي دولة سكنوها واستقروا فيها وكذلك بعروض فنيَة مختلفة مميزة من فنهم الخاص ألاصيل وبالرقصات والألعاب البهلوانية وعروض الألبسة والفنون التي تميَزوا بعملها واحتفالات تلفت النظر للمهارات التي يتمتعون بها والرقصات الجميلة وبالعروض،ومن المعلوم ان التعداد السكاني للغجر في العالم يفوق العشرين مليون انسان منتشرون تقريبا في معظم دول العالم في أمريكا معظمهم والهند ودول الشرق الأوسط وأوروبا جميع دولها وفي الامريكيتين والبرازيل واسبانيا وهذه الدول الثلاث التي ذكرت يعيش فيها عدد أكبر من الغجر من أية دولة أخرى وهؤلاء السكان عانوا الامرَين من الظلم والاضطهاد والتمييز وعدم المساواة في الحقوق وبقيت هذه الأقلية مهمشة صغارها معظمهم لا يتعلمون في المدارس وكبارها يفتشون عن العمل بشتى الطرق وفي عدة أماكن لان الانطباع عن هذه الأقلية بانهم لا يحبذون العمل ونشاطهم منصب في اعمال السيرك والرقص والغناء وهذه تزعج السكان الأصليين ومن يستخدم منهم للعمل فانه لا يكون منصفا بحقه ويستغلونهم في الاعمال البيتية واعمال السخرة ويعيشون في أشباه بيوت وخيَم،ومع مرور الزمن تغيرت الأحوال والأوضاع لكن ليست بصورة كاملة ومرضية وبقي التمييز والاجحاف من نصيبهم(بالمناسبة بموجب الاحصائيات فان تعدادهم في البلاد يفوق 8آلاف نسمة)وفي بعض الدول الأوروبية تحسنت أوضاعهم الاجتماعية والإنسانية خصوصا في الدول الاسكندنافية،لكن التمييز بقي من نصيبهم وغير ذلك من ألوان عدم المساواة والاجحاف ولا نستطيع أن ننسى أنه في عام 1725 أصدر ملك بروسيا قرارا يقضي بقتل كل ذكر غجري سنه فوق ألثامنة عشر والعمل القسري من نصيب الغجري وفي معظم الأحيان يفرض عليه العمل دون مقابل مالي أي عمل ألسخرة وطبقَ هذا أي عمل السخرة في عدد من الدول الأوروبية،وهذه الشعوب المترحلة المتنقلة أي الغجر هي شعوب هندوآرية سكنت دول الشرق الأوسط واوروبا وأماكن أخرى وتحتل مرتبة متدنية في الترتيب العرقي للنظرية ألآرية وقانون نورمبرج من عام 1935 للشعوب غير ألآرية ومنع الغجر من الزواج بألمانيات ويعاقبون عليها حتى وان لم يرتكبوا أي جريمة وتمَ حبس 200 منهم كل مرة في معسكرات التركيز وبحلول عام 1938 أنشأ هتلر مكتبا مركزيا لمكافحة خطر الغجر وفرز ألانقياء منهم من الغجر المختلطين ونفذَ ممارسات عنصرية ضدهم في ذلك العهد ووضعهم في معسكرات اعتقال،وعام 1943 منع ذكر الغجر من الاستمرارفي الحياة وزجهم في معسكر أوشفيتس وفي عام 1944 باشر في تعذيبهم واستخدامهم مادة للتجارب في الحرب العالمية الثانية وأباد منهم نحو15 ألف إبادة عرقية وفي تلك الفترة تعرضوا لمارسات الترحيل القسري.كما ان عدم الاعتراف بهم كمواطنين في البلدان التي يقيمون فيها ومعتقداتهم مختلفة منهم المسلمون مثلا في البوسنة والهرسك ومسيحيون في أوروبا والامريكتين ودول أخرى ومع مرور الزمن تغيَرت احوالهم وأوضاعهم الى الأفضل نوعا ما وان الأمم المتحدة عام 1992 أعلنت عن اليوم العالمي للغجر في محاولة لتغيير أوضاعهم المعيشية والحياتية ورفع الظلم والاضطهاد عنهم متذكرين الوحش النازي والذي اعدم منهم خمسة عشر ألف غجري في معسكرات الإبادة أوشفيتس وعليه قيل وفي اكثر من مناسبة بان هتلر اباد أيضا منهم ومن بلاد شمال افريقيا أي عرب ويهود نحو ستة ملايين جميعهم وضعهم هتلر في معسكر الإبادة أوشفيتس.
من المعلوم بان الغجر يجيدون الغناء والرقص وهم الذين أوجدوا وطوروا رقصة الفلامينكو وغير ذلك من الرقصات الرائعة ولهم فرق شعبية للرقص والغناء ويستثمرون الكثير في الفنون والدبكة الشعبية والعاب السيرك المختلفة بمشاركة الرجال والنساء ومن الأمور الغريبة هي ان المرأة عندما يأتي موعد وضعها لمولودها فانها تقريبا"تختفي"الى جذع شجرة نائية وتضع حملها كل ذلك بعيدا عن الناس ،لكن بعد ذلك وبمرور المدة تعود الى مكانها وسكناها وتحضر معها رضيعها،ومن عادات الزواج لدى الغجر أن الشاب يلقي بشاله على احدى الفتيات فان أخذته ولبسته فان ذلك يعتبر انها وافقت على الزواج منه وان لا فلا!!!واريد التنويه الى ان البرلمان في مملكة السويد احتفل بالثامن من شهر نيسان من هذا العام بيوم الغجر-الرومر والقيت الكلمات المناسبة بهذا اليوم من قبل رئيسة الوزراء مجدالينا أندرشون وغيرها وعن حزب اليسار سابقا أمينه كاكابافي وأكد المتحدثون على ضرورة الغاء كل تمييز بحق الغجر والأقلية الأخرى ألسامر ورفع العلم الغجري وعزفوا النشيد الغجري وحضر ممثلون عنهم الى البرلمان وباركوا هذه الخطوة والتي من الضروري أن تتبعها خطوات أخرى ليشعر هؤلاء بانهم كغيرهم من المواطنين وليس غير ذلك.
يشار الى ان أول مؤتمر للغجر عقد في لندن عام 1971 وحضره عدد لا بأس به منهم أتوا من 14دولة وعرف باليوم العالمي للرومر-الغجر وفي لندن تمَ التعريف بهم وبهذه الأقلية المهمشة حتى يومنا هذا وللمفارقة فان الغجر يتواجدون في هذه الدول التي يعيشون فيها مهضومي الحقوق بشكل عام ولا نريد ان نشبههم بأية أقلية أخرى من الأقليات في العالم في وقتنا غيرمعترف بها وبوجودها فهم لا ارض لهم ولا يفتشون عن هوية بل يريدون ان يعترفوا بهم وعليه فان بادرة البرلمان في مملكة السويد لهي بادرة مميزة جدا في وقتنا وعصرنا الحاضر حيث التمييز والاضطهاد ساري المفعول تجاه العديد من الأقليات العرقية وما حلَ بهم وبباقي من كانوا من الذين قتلهم الوحش النازي ابان الحرب العالمية الثانية فهل الالمان دفعوا أو يدفعوا لهم ولذويهم الأموال؟الذي نعرفه ونعلمه أن الجواب لا ولا كبيرة فمبروك للغجر-الرومر في عيدهم الوطني وتذكروا ذلك أيها الناس وعقبال للعايزين..