في قَصر آل تَلحوق سابقا التقيتُ بالدُكتور سامي مْكارم في بيته العامر في عَيْتات - بقلم: د. نجيب صعب_ ابوسنان/ نائب رئاسة اتحاد تعليم الكبار الإسرائيلي

موقع ألبرج
تاريخ النشر 11 اشهر

يقول الدكتور مكارم: تدريس التراث الدرزي هو ثورة أخلاقيّة، تاريخيّة، علميّة، فكريّة وفلسفيّة

 هناك لدى صعودك من بلدة الشويفات نحو مدينة عاليه تَمُر بالعديد من الضيعات والقُرى بينها عيَتْات، وكثيرا ما سمعنا عنه وقرأنا عنه في مجال التأليف والانجاز العِلمي، كما شاهدناه على شاشة التلفزيون الإسرائيلي ضمن برنامج " مباط شِني" في حينه وعرفنا كثيرا عن كتاباته في فلسفة التوحيد والعقيدة الدرزية، وحقا ان ما سمعناه منه كان محفزاً قويا لزيارته في منزله في لبنان للتعرف عليه والاستزادة من المعلومات القيّمة، لذا قررتُ القيام بزيارته آنذاك في عَيْتات قضاء عاليه كما اسلفتُ في قصر ال تلحوق سابقا والذي أقيم قبل اكثر من 250 عاما ،هناك في هذه الضَيْعة الوادعة التي تُطِل على بيروت وضواحيها ، هناك نشأ وترعرع المؤلفون والكُتاب والعلماء. وبودي ان اعطيك عزيزي القارىء الكريم لمحةً عن هذه الشخصية المعروفة التي قطعت شوطا بعيد المدى في سَبْر أغوار العلوم والمعرفة من خلال الحوار التالي الذي دار بيننا هناك في منزل الدكتور مكارم في قصر ال تلحوق.

س. قبل ان نبدا حديثنا د. مكارم بودي لو سمحت ان تُعطينا لمحة خاطفة عن تاريخ حياتِك من فضلك؟

ج . اذا اردتُ ان أتكلم عن نفسي أولا فانا ابن المرحوم نسيب مكارم الخطّاط الشهير، رجل الدين المشهور الذي زار مقام النبي شعيب عليه السلام في بلادكم عام1946 . وقد تلقيت دراستي الابتدائية في البعثة الفرنسية العلمانية في بيروت وانهيت دراستي الثانوية في سوق الغرب، وبعدها التحقتُ بالجامعة الامريكية في بيروت وحصلتُ على شهادة البكالوريوس في الادب العربي، ومن ثم أكملتُ دراستي في ذات الجامعة حيث نلتُ شهادة الماجستير في نفس الموضوع ، ومنها انتقلتُ الى جامعة مشيغن في جامعة ان كاربر في الولاية المتحدة ، حيث أكملتُ دراستي العليا هناك وحصلتُ عام1963 على شهادة الدكتوراة في الفلسفة وفي دراسة الشرق الأوسط، وتخصصتُ في الاسلاميات وخصوصا الفرق الباطنية ، وقد اخترتُ هذا الموضوع بالذات ليتسنى لي ان اخدمَ طائفتي وان افهم عقيدتي الدرزية التّوحيدية لانني مؤمن بانه اذا فهمتُ هذه العقيدة استطيع ان افهم تراثي .

 س. وماذا فعلت من اجل ذلك دكتور ؟

ج. فعلا خصصتُ جُلَ اهتمامي فيما بعد لدراسة هذه العقيدة ،وكانت رسالتي في الدكتوراة الفلسفة الإسماعيلية ،ذلك لانها مرتبطة ارتباطا وثيقا فكريا وتاريخيا بالعقيدة التوحيدية ، وبعدها أكملت طريقي بالدراسة الباطنية خصوصا الإسماعيلية ومن ثم الدرزية خصوصا بعد ان أصبحت أستاذا في الجامعة الامريكية في بيروت في تدريس الفكر الإسلامي والادب الصوفي ، والصوفية لها علاقة وثيقة أيضا بالعلاقة التّوحيدية .

س. ما هي مجالات عملك أستاذ سامي هذه الأيام لو سمحت ؟

ج. اعمل هذه الأيام أستاذا في الجامعة الامريكية في بيروت في موضوع الادب العربي ، الفكر الإسلامي والصوفي كما اتعامل مع الفن الإسلامي أيضا وخصوصا الخط العربي ، وقد اخذت ذلك عن المرحوم والدي ،هذا الفن الذي ارسى قواعده المرحوم والدي في هذا البيت على ان اكْملَ مسيرته ولا اجعله يذهب سدى ، وبالحقيقة عندما كان المرحوم والدي لا يزال على قيد الحياة كنت مكتفيا ذاتيا من حيث الفن فلم امارس الخط العربي ، ولكن عندما توفاه الله شعرتُ بفراغ ، فاخذت امارسُ هذا الفن واخذتُ أتذكرُ دروسَه في ذلك .

س. وهل قمتَ ببعض الاعمال الفنية على ضوء هذه الممارسة ؟

ج. بدون شك فقد قمتُ ببعض اعمال فنيّة الى جانب الاعمال الفكريّة حيث اقمتُ عدة معارض في بيروت في الخط العربي.

 الأول : في الجامعة الامريكية في بيروت عام الف وتسع مئة وتسعة وسبعين .

والثاني :في فندق السمارلاند في بيروت الذي هُدم هذه الأيام من جراء الاحداث الأخيرة واقمتُه عام الف وتسع مئة وثمانين، هذا طبعا بالإضافة الى بحوثي العلمية ، وانا الان احضر لمعارض أخرى ستقام انشاء الله في المستقبل .

 س.لابد لهذه المسيرة الطويلة الا ان تُثمر الكثير في مجال الكتابة والتاليف فما هي مؤلفاتك دكتور ؟

ج. لي عدة مؤلفات بالإضافة الى رسالة الدكتوراة التي نشرَتها الجامعة الامريكية في بيروت ، وهي عن الإسماعيلية

حيث حققت فيها قصيدة اسماعيلية او اهزوجة اسماعيلية لراعي اسماعيلي من اسلامين بعنوان " الشافية " حققتها وترجمتُها الى الإنجليزية مع مقدمة وافية عن الفكر الإسماعيلي، وقد نشرَتها الجامعة عام الف وتسع مئة وستة وستين ، وفي نفس السنة نشرتُ اول كتاب لي عن العقيدة التّوحيدية بعنوان "أضواء على مسلك التوحيد الذي تفضل المرحوم كمال جنبلاط بكتابة مقدمة وافية له، وضع فيها كثيرا من عِلمه وعمق تفكيره .

  تم كتبتُ في سنة الف وتسع مئة واثنتين وثمانين كتابا اخر عن العقيدة الإسماعيلية في اللغة الإنجليزية ونُشر في بيروت بالانجليزية أيضا ، وفي عام الف وتسع مئة وأربعة وسبعين كتبتُ كتابا اخر

 وهذه المرة عن العقيدة التوحيدية الدرزية بعنوان " المعتقد الدرزي " ونشرَته مؤسسة كريان بولس في نيويورك في الولايات المتحدة .

 وفي عام الف وتسع مئة وتسعة وسبعين الّفت كتابا باللغة الإنجليزية بعنوان " العقيدة السياسية الإسماعيلية وكان ذلك من خلال مخطوطة اسماعيلية من القرن الخامس للهجرة بعنوان " الرسالة في الامامة"لداعي اسماعيلي من دعاة الحاكم بامر الله واسمه أبو النوارس احمد بن يعقوب، وفي عام الف وتسع مئة وواحد وثمانين كتبتُ كتابا اخر بعنوان " مسلك التوحيد " حيث درست فيه العقيدة التوحيدية الدرزية من حيث بُعدها الفلسفي، ولي الان قيد الطبع كتاب اخر هو "تحقيق لاخر ديوان للشاعر الدرزي امين ال ناصر الدين " باسم " ديوان الفلك " وسيصدر قريبا انشاء الله .

 س.لا شك انك عرفت عن اللقاء التاريخي بين شيخي عقل الطائفة الدرزية في إسرائيل ولبنان ولقاء المشايخ الاجلاء، فماذا تقول بصدد لقاء اخوة في التوحيد ؟

  ج . ان اخوتنا الدروز يؤلفون طائفة واحدة تُدين بالتوحيد الذي هو أساس هذه الطائفة ولحمتها وسداها ، وكنتُ اود ان اقابل سماحة الشيخ القاضي أبو يوسف امين طريف عندما شرّف وزار اخوانه دروز لبنان ،الا ان الحالة الصحية لم تسمح لي في ذلك الوقت ان اقابله واطلب صفاء خاطره ، وكما ذكرت ان اللقاءات بين الاخوان اخ نجيب هي لقاءات مفيدة جدا وتدعو الى الذكرى والى إعادة اللُحمة العقائدية بين الموحدين وهم اخوان ، وقد كنت اقرا في بعض الأحيان كتابات ومقالات لبعض الدروز ، وكانت هذه الكتابات تجعلني اتلهف دائما الى اللّقاء وتبادل الآراء بيننا .

  س .علمت د .مكارم ان اخوتكم من بني معروف في إسرائيل ادخلوا نظاما جديدا في التعليم وهو " موضوع التراث الدرزي" الذي يبحث في تاريخ الطائفة الدرزية وكذلك في اعلام الطائفة والسلف الصالح والتراث الشعبي وغير ذلك في طريق الحفاظ على قيَمنا عبر التاريخ ، ولا شك ان رئيس لجنة التعليم الدرزي الأستاذ سلمان فلاح قد زوّدك مؤخرا بعدد من هذه المؤلفات والكتب وارجو ان تكون قد اطلعت عليها ، فما هو رايكم في هذا التجديد ؟؟

 ج . حبذا لو كُنا نحن في لبنان نحذو حذوكم ، ونُدخل هذا الامر أيضا في برامج تعليمنا هنا ، لان هذا الامر له فائدة كبرى ، فالدرزي او غير الدرزي لا يستطيع ان يكون انسانا فاضلا الا اذا تعرّف بتراثه خصوصا اذا كان هذا التراث تراثا مشرّفا سواء كان ذلك من حيث الاعمال الزمنية ام الاعمال الروحية الدينية ، والدرزي بحاجة ماسة أينما وُجد للتعرف على تراثه وتاريخه وعقيدته لكي يكون ذلك نورا له يهتدي به في حاضره ومستقبله ،خاصة وان هذه البرامج التي تعدونها تختص بشخصيات ورؤساء كالامير السيد جمال الدين عبدالله التنوخي والشيخ الفاضل وعلي فارس رضي الله عنهما وغير هؤلاء من كبار الموحدين ، ان هذا العمل يعد " ثورة أخلاقية وتاريخية وعلمية وفلسفية " نحن هنا في لبنان كنا نفكر بالقيام بشيء من هذا القبيل ،حيث كان المرحوم كمال جنبلاط وانا ندرس هذا الامر ، وقد قمنا بكتابة منهج للتعليم الديني بقدر ما يسمح به ليتعلم الناشئة هذا التراث التاريخي والفكري والديني .

في الصورة من اليمين: في قصر آل تلحوق, السيد محمد أبي صعب وإلى جانبه الدكتور نجيب صعب ومن ثم الدكتور سامي مكارم وزوجته, رئيسة جمعية النساء الدرزيات في الولايات المتحدة, آنذاك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في قَصر آل تَلحوق سابقا التقيتُ بالدُكتور سامي مْكارم في بيته العامر في عَيْتات - بقلم: د. نجيب صعب_ ابوسنان/ نائب رئاسة اتحاد تعليم الكبار الإسرائيلي

استفتاء ألبرج

متى ستنتهي الجرب في الشمال والجنوب بحسب رأيك؟
مجموع المصوتين : 18