عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي

موقع ألبرج
تاريخ النشر 11 اشهر

عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف

*الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث

حسين سويطي

اتصلت الأسبوع الماضي بالدكتور نبيل شعث وتحدثنا طويلاً عن كتابه "حياتي من النكبة الى الثورة" وهو الجزء الأول من سيرة ذاتية ثلاثية قال إنه انهى العمل على الجزأين الثاني والثالث وينتظر بحماس ولهفة صدورهما قريباً عن دار نشر في عمّان.قبل ثلاث سنوات جاء الدكتور شعث الى الجليل زائرًا وعندما تحدثت معه كان بجولة مع الرفيق الدكتور سمير خطيب رئيس رابطة خريجي معاهد روسيا والاتحاد السوفييتي وأودع لديه هديته لي نسخةً من الكتاب مهرها بإهداء جاء فيه" الى الأخ العزيز والفلسطيني الأصيل حسين السويطي أهدي كتابي مع مودتي".

قبل اسبوعين تقريباً جاء دور الكتاب للقراءة وتمتعت بكل صفحة قلّبتها فيه ولا أزال، حتى جاءني الخبر المقلق أمس الأول أن الدكتور نبيل شعث يرقد في بالمستشفى في رام الله وقيل لي انه تحت طائلة الإصابة بڤيروس كوڤيد ١٩ الكورونا . خلال محادثتنا وعند سؤاله عن صحتي شرحت له معاناتي مع هذا الوباء اللّعين متمنيًا عليه أخذ الحيطة والحذر ،فأشار الى انه يقوم بما يلزم والباقي "على الله". اليوم وبعد ان انتهيت من كتابتي هذه عاودت الإتصال به لأطمئن على صحته ابلغني ان حالته مستقرة وأنها حالة التهابات في المعدة وليست كورونا فهدأت وإطمأننت.

تعود علاقتي بالدكتور نبيل "سميّي ابو علي" الى العام ١٩٩٤، يوم اتصلت به وهو في القاهرة وأنا اعمل محررًا في صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية وأجريت معه حديثًا حول الترتيبات لحفل التوقيع على اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني .وكان حديثه اكثر عن فلسطين وحيفا التي احبها وعبّر عن اشتياقه لها وللوطن بشكل عام وهو ما ابرزه في كتابه .

بعد أيام من حديثنا هذا اتيحت لي الفرصة للسفر الى القاهرة مندوبًا عن صحيفة "الإتحاد" لتغطية هذا الحدث التاريخي وهناك كان لنبيل شعث دور وأيّ دور في مواجهة الزيف الإسرائيلي والخبث الصهيوني حتى على طاولة التفاوض ومهرجان التوقيع على اتفاق السلام.

ففي ليلة الثلاثاء/الأربعاء (٤/٣) ايار ١٩٩٤ سهرتْ الوفود المتفاوضة حتى الخامسة صباحًا ولحّق بهم الصحافيون وكنت بينهم علَّنا نحظى بشعاعٍ أو بريقٍ من الأمل منتظرين صعود الدخان الأبيض معلنًا حلّ إشكالات الساعة الأخيرة. كنّا كلّما خرج وزير أو مسؤول من قصر الإتحادية نهجم عليه للحصول ولو على فتات صحفي من داخل القصر المحصّن يومها بكل ما أوتي التحصين من أدوات داخلية وخارجية مرئية وغير مرئية، كيف لا والعالم كلّه يوجه عنايته تجاهه ويصوب نحوه. وكان لي حظّ ان زلفت الى داخل القصر بصحبة صحفي اسرائيلي ومساعدة مدير مكتب رابين آنذاك شمعون شيڤيس وكان اول وجه التقيناه الدكتور نبيل شعث فاستوقفته وسألته "شو الأحوال" قال "يظهر ان السهرة صبّاحي شدوا حيلكو". لم نكن على صلةٍ بما يجري داخل غرف التفاوض لكنّ ملاحظة شعث قالت شيئًا ما. وهذا ما كان . افترقنا مع الفجر (الخامسة صباحًا وشويّْ) على ان تكون كافة الوفود والمدعوين في التاسعة صباحًا في قاعة قصر المؤتمرات الرحبة في مدينة "٦ اكتوبر". ولم نتأخر . امتلأت القاعة بالوفود والضيوف وانتصبت طاولةٌ مزينة في ركن المسرح سيجلس اليها الرؤساء واحدًا تلو الآخر ليوقعوا وثيقة السلام . ووسط عاصفةٍ من التصفيق صعد الرؤساء. كانت الكلمات قصيرةً ومعبرة قوبلت بالتصفيق والهتافات. ثم جاء وقت التوقيع ونودي باسم الرؤساء فتقدم أولهم الرئيس ياسر عرفات. وقّع الوثيقة الأولى ثم ،جفل وكأن يده لامست لغمًا أرضيًا وأي حركةٍ زائدة قد تؤدي الى إنفجار الموقف وتفجير المكان بمن فيه. كان الى جانبه الشاب علي شعث وأحد المرافقين للرئيس . لوحظت حركة غير طبيعية وبدأ الرؤساء على المسرح يتساءلون وبدأ هرج ومرج في القاعة. انتفض عرفات ودقّ قدمه بأرض المسرح وتنّح وأخذ يلوح بسبابته ورقصت شفتاه رقصتها المعهودة ، فلم يعد أحدٌ يدري ما الحاصل، ولماذا اختلط الحبل بالنابل. وبدأ الرؤساء يسألون ويتساءلون وعرفات عند حدّه. استمر هذا العرض دقائق عدّة الى أن صعد الدكتور نبيل شعث الى المسرح وأخذ دور المترجم .

كنت جالسًا حينها في صف الصحفيين الإسرائيليين وفي الصف الذي خلفي جلس عدد من الفنانين المصريين ومعهم الفنان الفلسطيني الفارس غسان مطر . انتهزت فرصة قيام أحد الصحفيين الإسرائيليين وتوجهه نحو المسرح فلحقت به تلانا غسان مطر. وصلنا الى حافة المسرح وحاولنا الاستفادة من هذا القرب لكن رجال الأمن حالوا بيننا وذلك.

لم يهدأ المسرح الا عندما تحرك نبيل شعث باتجاه الصف الأول حيث كان يجلس رئيس الأركان الإسرائيلي أمنون ليبكين شاحك، وبإشارةٍ من شعث تحرك شاحك وناوله ملفاً من الحقيبة التي ركنها على فخذيه. فتح شعث الملف أمام شمعون بيرس ووورن كريستوفر وزير الخارجية الأمريكي. لان عرفات وهدأ وعاد الى الطاولة ومهر الملفات الباقية بتوقيعه.

ماحصل كان ان عرفات لم يجد بين الملفات الخريطة المفصلة لمنطقة اريحا والتي تم الاتفاق الساعة الخامسة ان يضع احداثياتها كل من امنون شاحك ونبيل شعث ، وكان نبيل شعث وضع وبخط يده مسودة ما تم الاتفاق عليه على ان يتم الحاق الخريطة عند التوقيع لكن الموفد الاسرائيلي لم يفعل ذلك ، ربما بخبث وربما لخطإٍ انساني غير مقصود . المهم ان عرفات لقطها ودق قدمه وتنّح وانكشف الأمر وانقذ شعث الموقف. يومها كتب الصحفيون الإسرائيليون إفتراءً ان مبارك قال لعرفات "إمضِ يا كلب" وهذا لم يكن أبدًا وأقول ذلك عن قرب. فبعد التوقيع التقيت الدكتور نبيل شعث في فندق شيراتون وشرح لي ما حصل وكتبت في "الاتحاد" عن ما كان وحصل تحت عنوان "حادثة المنصة رقم ٢".

في حديثنا الأسبوع الماضي استذكرت والدكتور نبيل شعث هذا الموقف وقال انني اذكّره بالحاصل وكأنه يشاهد فيلمًا مصوراً لتلك الواقعة وشكرني على انني اسميتها كما اسلفت.

اتمنى طول العمر والصحة للأخ الدكتور نبيل شعث وان يعود الى حضن شعبه وموقعه في الصفوف للمدافعين عن قضيته العادلة.

محتوى المادة المكتوبة من فكر وذهن الكاتب والصحفي حسين سويطي.

الصور أُرسلت لموقع البرج من الزميل الصحفي حسين سويطي وهي خاصته

عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي
  • عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي
  • عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي
  • عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي
  • عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي
  • عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي
  • عندما دقَّ عرفات كعب حذائه وهزَّ سبابته نبيل شعث أنقذ الموقف - الصحة والسلامة لعزيزنا د.نبيل شعث| الصحفي حسين سويطي

استفتاء ألبرج

متى ستنتهي الجرب في الشمال والجنوب بحسب رأيك؟
مجموع المصوتين : 18